تكنولوجيا المعلومات نعمة أم نقمة؟
بقلم : كمال الخرس
بقلم : كمال الخرس
للوهلة الأولى يهيئ لحديث التخصص في مجال المعلوماتية والمكتبات بان انفتاح قنوات الاتصال على مصراعيها وانفتاح حريات التعبير عبر الوسائط الالكترونية هي غاية المنى التي ستؤدي إلى إسعاد البشرية عبر نقل المعلومات لهم وكشف الحقائق بسهولة ويسر دون أي تشويه.
وهذا الاعتقاد يدفع بهذا المتخصص بالمعلومات إلى الاندفاع نحو فكرة تعزيز مبدأ إتاحة المعلومات بأغلى الأثمان وسواء كانت هذه المعلومة موثقة أو غير موثقة وكانت رسمية أو غير رسمية أو فقط عبارة عن أفكار وآراء. وفي هذه الحالة أصبح المتخصص بالمعلومات كصانع البندقية الذي لا يعلم لأي غرض سوف تستخدم والى أي اتجاه سوف توجه.
كل هذه المقدمة كانت ضرورية للتعبير عن مشاعر خوف أكثر من كونها مشاعر اغتباط وسرور حول ما أل إليه الانفتاح والتطور المعلوماتي التكنولوجي وخصوصا في الفضاء المعلوماتي العربي. ولعله من المفيد هنا استذكار خلاصة توصلت إليها احد الدراسات القيمة قبل سنين تحذر من استغلال الانسيابية والتطور المعلوماتي في خلق جو إعلامي معلوماتي وصفته بكونه موجه و"قذر". حيث انه يستغل التطور المعلوماتي لضرب أسس البحث عن الحقيقة والتحري باستخدام وسائط المعلومات بكثافة لتشويه الحقائق بدل من نقلها بأمانة ودقة.
سابقا كانت المشكلة هي الأمية وعدم قدرة الكثير من الناس على الحصول على المعلومة حيث إن الحصول عليها يتطلب التنقل أحيانا وقضاء أيام من السفر وربما أشهر ، وساعات من عناء البحث بين المكتبات وبين أرففها وأخرى بين اسطر الكتب. لكن الآن أصبح الحصول على المعلومات والكثير منها سلس بسبب التطور التكنولوجي في نقل المعلومات، لكن المشكلة كمنت في العلة التي أشار إليها احد علماء المعلومات "بأننا بتنا نقصف بالمعلومات." فكثرة المعلومات وتزاحمها أصبح مزعجا لرجل المعلومات ورجال الإعلام وبعض الباحثين، فما بالكم بالإنسان العادي أو الباحث البسيط.
إن هذا القصف كان نتاج كثافة المعلومات وسهولة وسرعة نقلها بشكل جعل المعلومات تندفع كالسيل الجارف إمام رتابة مطلوبة للعقل لاستيعاب المعلومة وتحليلها ووضعها في إطارها الذهني المناسب، وهذا القصف كان بشكل أكثر إيلاما عندما أصبح قصفا مكثفا وموجها ومقصودا يهدف اقتناص العقول وإحاطتها، وفي حد أدنى تشويشها حتى أصبحت المعلومات الكثيفة المشوشة أشبه بعدمية وجود أي معلومة. هذا القصف المستهدف والمقصود بجانب القصف العفوي الناتج عن كثافة المعلومات نتج عنه اثأر جانبية أسوء من مشكلة نقص المعلومة وصعوبة انتقالها كما كان في الفترات السابقة.
وفي هذا الصدد فانه بالإمكان استدراج مثال لذلك، فقد حدث كاتب السطور احد أصدقاءه عن وضعه سابقا مع الصحف والكتب والتلفاز والراديو ووضعه الآن مع القنوات الفضائية والانترنت والصحف الالكترونية، فقال انه كان يقضي سابقا أوقات ممتعة بمشاهدة أخبار التاسعة بالتلفزيون ثم الاستماع إلى التعليقات السياسية الرصينة آنذاك لإذاعة لندن ثم يقرأ بعض الكتب مساء، وبعد ليلة هادئة يصبح على قراءة الصحف. ينقل هذا الصديق بأنه كان سعيد في البداية بالتدفق الجديد للمعلومات، لكنه بدأ يصاب بتوعك صحي مع ملازمته لساعات الحوار الطويلة والمهرجانية أحيانا بالقنوات الفضائية وضياعه بين آلاف المواقع والروابط التي تشتت ذهنه إلى آفاق مجهولة، وكان في غاية الاستغراب عما يحدث في الكون من فوضى معلوماتية ليس لها حسيب ولا رقيب.
لقد كانت ملاحظة هذا الصديق أو هذا الباحث البسيط مثيرة للرعب، إذ بعدما كانت المعلومة ضالة الإنسان، وكان الحصول عليها مبلغا صعبا، وكانت تخضع لأنواع الرقابة والتوجيه في ظل قوانين وحدود كل دولة. أصبحت الآن صخور أو قطع نارية تتطاير في الفضاء الواسع كأنها شهب أو نيازك دون توجيه أو إنها توجه بشكل يزيد من فوضوية الموقف وضبابيته، في عالم تحولت فيه بقصد وبدون قصد ثورة المعلومات إلى فوضى واضطراب للمعلومات غير محدد بحدود ولا منساق لنظم.
في ظل هذا التحدي لن يكون من السهل للمتخصص بالمعلومات ولرجال الإعلام إيجاد إجابات واحدة لحل هذه المشكلة أو الظاهرة المعلوماتية المشوشة والتي كما سلف ذكرها بأنها "قصف للعقول" أو "قصف العقول بالمعلومات"، لكن التحدي الآني يطلب إيجاد أكثر من حل وطرح أكثر من اقتراح، للتعامل الجدي بعيد النظر مع هذه المشكلة.
By Kamal Al-Khars
هناك تعليقان (2):
The title of this view shows more of advantages and disadvantages of information technology. But never the less there must be some solution to solve the problem of information overflowing, incorrect or incomplete ones, for the normal user to obtain.
for anonymous comment,
even if we do not have a solution in our minds, at least we should the issue as a concern for everybody at the first place, then people in concern will try to find best solution or solutions.
إرسال تعليق