من ضمن الأفلام التي عرضت في مهرجان دبي السينمائي .. فيلم "مذكرات دراجة نارية" الذي يعرض الرحلة التي قام بها أرنستو غيفارا في شبابه و عبر فيها أمريكا اللاتينية .. جدير بالذكر أن الفيلم الذي شاهدته كان شيقا و يستحق المشاهدة..
بعد فترة من مشاهدتي للفيلم , قرأت نسخة من المذكرات الأصلية الخاصة بتشي غيفارا و المتعلقة برحلته تلك و التي ضمنتها ابنته أليدا في كتاب "مذكرات دراجة نارية"
يعرف جيفارا في أمريكا اللاتينية بالثائر و البطل, لكنك في هذا الكتاب ستتعرف على جوانب أخرى من حياته و تكتشف أمورا ثانية تتعلق بشخصيته,,
تقول ابنته : كانت هناك لحظات عندما حللت مكان جرانادو فعليا على الدراجة النارية و تشبثت بظهر أبي مسافرة معه فوق الجبال..
و أنا أيضا حللت محل جرانادو و تشبثت بتشي و سافرت معه, عابرة معه الجبال.. و المدن المختلفة, استشعرت البرودة و الجوع اللذين شعر بهما.. ووجدت نفسي أتطلع معه بإعجاب إلى آثار الحضارات المنسية
عندما قرأت المقدمة التي أعدتها ابنته وجدت جانبا جديدا من شخصيته, ووجدت هذا الجانب الذي كنت أبحث عنه دائما.. ووجدت الزيت الذي أشعل الثورة في نفسه..
تقول ابنته: ينمو في وعيه إدراك أن ما يحتاجه الفقراء ليست معرفته العلمية كطبيب, بل قوته و مثابرته في محاولة تغيير اجتماعي قد يمكنهم من العيش بكرامة التي سلبت منهم و سحقتهم لقرون و هي ترى أن ما دفعه لذلك هو عطشه للمعرفة و مقدرته العظيمة على الحب
رحلة جيفارا امتدت من بوينس آيرس هبوطا على ساحل الأرجنتين- الأطلسي و عبر بنما و خلال الأنديز وصولا إلى تشيلي وشمالا إلى بيرو, كولومبيا و كاراكاس.. في كل مدينة من هذه المدن, التقى أناسا كانت لهم ذكرى جميلة في نفسه, و عبر آثارا لأناس عاشوا و ماتوا ليخلفوا ذكرى أطلال من ورائهم.. أطلال تحكي تاريخ حضارات سادت و بادت.. تاريخ أناس حكموا قارة بأكملها,, و استوعبوا علوما باجمعها
لقد تشرب جيفارا في رحلته هذه روح الانكا.. التي ثارت ضد كل الطغيان, و عبرت من خلاله إلى العالم بأسره.
تقرأ في الكتاب " يقتضي تحول المرء إلى أسطورة, أن تتحلى تلك الشخصية بنوع من الجاذبية و بعض الهيبة" و هذا ماتراه في شخصية تشي, اذ انك ترى شخصا جميل المحيا, عذب الكلام يجذب سامعيه من أول وهلة, كما ترى فيه هيبة و حزما في أشد الأوقات صعوبة.
حينما تقرأ وصفه للكاتدرائيات التي زارها في كوزكو, و كاتدرائية ماريا أنغولا و مقارنته بين المعمار الخاص بكل منهما تدرك إحساسه بالفن و الجمال, و حينما تقرأ تعليقاته على حصون أوليانتانيامبو و ماتشو بيتشو تستشعر روحه الثائرة و كيف أنها ترى الأمور من منظار آخر أعمق من رؤية الآخرين, و الأجمل من هذا كله هو وصفه للمشاعر الإنسانية التي اجتاحته عندما كان يعالج مرضى الجذام.. و عندما صادف الأسرة الفقيرة التي آوته و زميله في ليلة صقيعية باردة.. اذ انك عندما تستمع إلى وصفه تدرك عظم الجانب الإنساني الذي اكتنف روحه.
لقد عدت من رحلتي مع تشي مسرورة, اذ أني انتقلت في أكثر من دولة و عبرت أكثر من حضارة و تعرفت إلى أناس كثر و صادفتني تجارب إنسانية كثيرة ,, و إني لأنصحكم أن تقرؤوا رحلة غيفارا و تستشعروا فوائدها
كتبت : علياء الموسوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق