روائع جبران

روائع جبران
جبران خليل جبران , هو احد "شعراء المهجر" الذين تميزوا بحسن استخدامهم للألفاظ و المفردات العربية ... في كتاب "روائع جبران" , تم جمع عدد من أجمل كتاباته التي انتقيت بعناية من كتبه المختلفة التي ألفها. سآخذ كم في جولة مع أجمل ما اخترته أنا من روائع جبران :
في العالم اليوم صور عديدة للاضطهاد و الظلم و لكن جبران يرى أن المرء لا تعذبه الاضطهادات إذا كان عادلا و لا تفنيه المظالم إذا كان بجانب الحق, فسقراط شرب السم مبتسما, و بولس رجم فرحا...
هو الذي عانى من الغربة و الاغتراب, يخاطب زمرة من الناس فيقول : منذ البدء و أنتم تصارعون قوانا اللينة بضعفكم الخشن, تغلبوننا ساعة فتصبحون فرحين كالضفادع و نغلبكم دهرا و نظل صامتين كالجبابرة, قد صلبتم الناصري ووقفتم حوله تسخرون به و تجدفون عليه, و لكن لما انقضت تلك الساعة نزل من على صليبه و سار كالجبار يتغلب على الأجيال بالروح و الحق و يملأ الأرض بمجده و جماله ....
و يعود ليؤكد : أنا غريب في هذا العالم!
***
من المعروف أن لكل إنسان طريقة خاصة لمخاطبة جبار السماوات و الأرض و التواصل مع رحمته, و لكل منا نظرته حول كيفية أداء الخلق واجباتهم تجاه الخالق الأعظم, و لجبران نظرة في هذا الأمر فتراه يسأل : هل تعتقدون أن الله الذي ينزل السحاب مطرا , و يستنبت البذور زرعا, و ينمي الزهور أثمارا, يريد أن تكونوا جياعا محتقرين لكي يبقى واحد بينكم منتفخا متلذذا؟!...
إن الله قد وضع في قلوبكم بذور السعادة, فكيف تنزعونها و تطرحونها على الصخر لتلتقطها الغربان و تذريها الرياح..
إن الله قد رزقكم البنين و البنات لكي تدربوهم على سبل الحق, و تملأوا صدورهم بأغاني الكيان و تتركوا لهم غبطة الحياة إرثا ثمينا, فكيف تهجعون و تخلفونهم أمواتا بين أيدي الدهر, غرباء في أرض مولدهم, تعساء أمام وجه الشمس؟!
***
جبران كما عظماء التاريخ , استقرأ تاريخ الأمم ... فقال :
ويل لأمة تكثر فيها المذاهب و الطوائف و تخلو من الدين
و يل لأمة تلبس مما لا تنسج و تأكل و تشرب مما لا تعصر
ويل لأمة سائسها ثعلب, و فيلسوفها مشعوذ, و فنها فن الترقيع و التقليد
***
الإنسان .. عالم بأجمعه .. و الإنسانية تقدم لنا كل يوم دروسا في الحياة ... و جبران يرى أن ليست حقيقة الإنسان بما يظهره لك, بل بما لا يستطيع أن يظهره, لذلك إذا أردت أن تعرفه فلا تصغ إلى ما يقوله بل إلى ما لا يقوله.
***
و كما يقدر العظماء منزلة المعلم, ترى جبران يقدر قيمة المعلم و التعليم:
أما المعلم الذي يسير في ظل الهيكل محاطا بأتباعه و مريديه, فهو لا يعطي شيئا من حكمته, بل إنما يعطي من إيمانه و عطفه و محبته.
***
دائما ما ترى الكبار لا يهتمون بالمظاهر , , جبران تجاوز المظهر إلى جوهر النفوس الإنسانية لكنه لم يغفل الثياب من روائعه, و أبدى رأيا فيها فقال: لا يغرب عن أذهانكم أن الحشمة هي ترس منيع متين للوقاية من عيون المدنسين, و مع إنكم تنشدون بثيابكم حرية التستر و الانفراد, فإنها تقيدكم و تستعبدكم...
***
الكتاب مليء بالروائع ,, سأكتفي بهذا القدر و أترك لكم حرية التمتع بالبقية و سأختم المقال برائعته حول الجمال :
"الجمال لغة سماوية تترفع عن الأصوات و المقاطع التي تحدثها الشفاه و الألسنة, لغة خالدة تضم إليها جميع أنغام البشر و تجعلها شعورا صامتا, مثلما تجتذب البحيرة الهادئة أغاني السواقي إلى أعماقها و تجعلها سكوتا أبديا...

كتبت علياء